يهدف البحث إلى الحديث عن فهم طبيعة الوجود ، فالوجود بما هو موجود لا يحتاج لدليل لإثبات وجوده، فما من شيء يدرك إلا ويتم إدراك وجوده سواء في الحقيقة أو في الذهن، فالوجود أول المعاني لبساطته القصوى ، فبمجرد وعى الإنسان منذ طفولته يدرك وجوده ، ووجود أفراد أسرته ، والمحيطين به، وهذا ما يسمى عند المناطقة بالمفاهيم الكلية الماهوية ، كذا اهتم الفلاسفة بمبحثي الحدوث والقدم ومعنى الحدوث وكونه مسبوق بالعدم ، وأنه لم يكن ثم كان ، ومرادهم من قدم الشيء : أنه موجود دائما ، فلم يطرأ عليه العدم مطلقاً كما أن الوجود لا بد له من موجد واجب بذاته غني عما سواه قديم أزلي لا يجوز عليه الحدوث ولا الفناء . واجب الوجود والقدم ، وجوده من ذاته أما المخلوق فهو واجب الوجود لغيره ، فكل ماعدا الله من المخلوقات الممكنة يستوى فيه الطرفين ويحتاج إلى مرجح يرجح وجوده على عدمه، كذا كل أموره المتقابلة الأخرى من الشقاء والسعادة والغنى والفقر .. الخ ،
فقد تناول الفلاسفة المسلمون هذه المفاهيم بشكل موسع. حيث بحثوا في طبيعة الوجود الإلهي، وعلاقة الوجود بالعدم، وكيفية خروج الكون من العدم. و توصلوا إلى العديد من الآراء والنظريات التي تختلف في تفاصيلها، ولكنها تتفق في جوهرها على أن الله تعالى هو الموجد ، وأن كل ما سواه مخلوق حادث.، كما أن البحث في الكون لم يكن قاصرا على المسلمين فقد شكل طاليس أولى بواكير المباحث الفلسفية عند اليونانيين الذين انشغلوا بالبحث في أصل الكون وعلاقة المخلوق بالخالق منذ بداية الأساطير المتمثلة في كل من الإلياذة والأوديسا ، ثم جاء طاليس الذى كان أول من حرر العقول من الخرافات والأساطير إلى البحث الفلسفي الحقيقي عند عزو أصل الكون إلى مبدأ واحد ، ثم توالت المحاولات الفلسفية المفسرة لأصل الكون بعده في البيئة اليونانية، وأوضحتُ في هذا البحث أن هناك ثلاث اتجاهات حول مفهوم الوجود والمختار الاتجاه الأول : أنه مفهوم بديهى، وبينت الوجود في الفلسفة اليونانية و الوجود في الفلسفة الإسلامية، وأوضحت الاختلاف بينهما.