الملخص:
يمتلك الكاريكاتير جذورًا عميقة تمتد إلى أقدم العصور؛ إذ كان الإنسان ينقش رسومًا، ورموزًا على جدران الكهوف يعبر بها عن خلجات نفسه، ويوثق أحداثه اليومية. ويتجلى فن الكاريكاتير في الأدب العربي؛ فالشعر مثلًا يُمثل عالماً زاخرًا بالتصورات الذهنية، يعبر الشاعر من خلاله عن مشاعره الجياشة والتي تتبدى وفق حالته النفسية، فعندما يكون متبرمًا؛ يتخذ من الهجاء وسيلةً للتنفيس عن مشاعره الدفينة تجاه شخص معين، مُوجهًا له سهام الغضب، وواصفًا إياه بأبشع الصفات مع التحامل عليه والحط من قدره.
تسللت روح الهجاء العريقة في الأدب العربي إلى أروقة عالم الكاريكاتير المعاصر، ولكن بثوب جديد يُعرف بـ(فن رسوم الكاريكاتير) الذي يستخدم وسائل الإعلام الحديثة، ويستعير مادته من العلامات اللغوية، والعلامات غير لغوية. وتظل كل لوحة كاريكاتيرية غير مكتملة، تنتظر المتلقي؛ ليمنحها ألوانًا جديدة من خلال استكشاف المعاني الخفية التي تحتضنها. وكلما وُجدت رسالة وجد السرد. ومن هنا جاءت هذه الدراسة (الإِرْسـالِيَّةٌ فِي رُسُومِ الكــاريكاتيـر: أَعْمالُ وعَبْدِ اللّه جابِر أَنْمُوذجًا: دِراسَةٌ سِيمْيائِيَّةٌ). والتي تهدف إلى استجلاء الحدود الفاصلة بين الخطاب السردي وفن الكاريكاتير، من خلال تحليل عناصر السرد القصصي في عمل عبد الله جابر من المنظور السيميائي بوجه عام، واستنادًا إلى نظرية غريماس بوجه خاص. والبحث عن أثر المكون السردي في إثراء الرسم الكاريكاتيري، وتوسيع دلالته. وقد جاءت الدراسة في مبحثين: المبحث الأول بعنوان: بين التجلي والمحايث، المبحث الثاني بعنوان: التجلي والمحايثة.